Abstract

ينبني فعل التربية أساسا على تلك القدرة الهادفة إلى توجيه سلوكات و مواقف الأفراد، بما يتوافق و نموذج القيم الذي يتبناه مجتمع ما أو جماعة ما داخل هذا المجتمع. إنها العملية التي يتم من خلالها تشكيل ما هو جوهري في الفرد، و ذَلِك من خلال انخراطه في شبكة من العلاقات الاجتماعية. و لا يمكن أن تتم هذه العملية بطريقة فردية أو معزولة، بل تستوجب تدخل أفراد آخرين، ينعتون عادة ب"المربين" أو ب"الفاعلين التربويين". ضمن هذا البعد العلائقي يتشكل فعل التربية. غير أن هذه العلاقة التربوية -خاصة عندما تأخذ بعدا مؤسساتيا- تتطلب وجود عنصر مركزي، و هو ما نسميه ب "السلطة التربوية"، و التي عن طريقها يتم إحداث ذلك التأثير المطلوب. داخل مؤسسة الأسرة، يجسد الأبوان هذه السلطة، وإن تعددت أشكال ممارسة هذه السلطة باختلاف تصوراتهم و تمثلاتهم لها. و في المؤسسة المدرسية، نجد أن هذه السلطة متقاسمة بين أطراف و فاعلين متعددين ( مدرسين، أُطر إدارية، موجهين...). إن حديثنا هنا سيركز بالأساس على سلطة المدرس، و التي نطلق عليها عادة اسم "السلطة البيداغوجية"، و ذلك من خلال تحديد أولي لمفهوم السلطة، و محاولة تمييزه عن مفاهيم ترتبط به، و إن كانت تختلف عنه من حيث الدلالات و الأبعاد و السياقات، ثم البحث في علاقة السلطة بالفعل التربوي/ البيداغوجي، و أخيرا الوقوف على العلاقة المفترضة بين تمثل المدرس لمسألة السلطة وأشكال تدبير المشاكل السلوكية للتلاميذ.